قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن إفريقيا تستحق المعاملة كشريك متساوٍ على الساحة العالمية، لافتَا إلى احتياج القارة لـ”السلام، والعدالة، والاستقرار وليس إلى أشكال جديدة من الاستغلال”.
جاء ذلك في مقال له، نشرته صحيفة “ديلي صباح” التركية (خاصة)، اليوم السبت، لرصد زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى كل من السودان، وتشاد، وتونس، في جولة إفريقية امتدت بين 24 و27 ديسمبر/ كانون أول الجاري.
وأضاف المتحدث باسم الرئاسة، أنه كما يعمل العالم على إعادة استكشاف إفريقيا، فإن الأخيرة تفتح أبوابها للعالم، “وهذا لابد أن يتجلى في علاقة قائمة على المصلحة المشتركة والثقة والشراكة”.
ووصف قالن القارة السمراء بأنها “كبيرة حيث لا يوجد نموذج شامل من الشراكة يمكنه إنصاف تنوع القارة الاجتماعي والاقتصادي والجغرافي”.
وأوضح أنه وفق مبدأ تعدد المستويات في عالم متعدد الأقطاب سعت تركيا إلى التواصل مع إفريقيا خلال العقد الماضي.
ومضى بالقول “الأمم الإفريقية تكافح إرث الاستعمار والحروب الأهلية والإرهاب والفساد ونقص البنى التحتية، علاوة على القضايا الإنمائية والبيئية، وغيرها من التحديات”.
لكن في المقابل شدد قالن على امتلاك إفريقيا موارد طبيعية غنية، وكثافة سكنية شابة وديناميكية، إضافة إلى توجه انفتاحي على العالم.
كما لفت إلى أنه “منذ إطلاق تركيا سياسة (الانفتاح على إفريقيا) عام 2005، أولت اهتماما بهذه الديناميكيات، ورأت نتائجها على أرض الواقع”.
وحول زيارة الرئيس أردوغان إلى الدول الثلاثة: السودان، وتشاد، وتونس، أوضح قالن إنها “أول زيارات تركية على المستوى الرئاسي إلى تلك الدول”.
وأشار أن الزيارات التي جرت الأسبوع الماضي ركزت على “تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية الثنائية، بالإضافة إلى توقيع عشرات الاتفاقيات في قطاعات متنوعة”.
وعن زيارة السودان، قال قالن إنها “زيارة لافتة بالفعل”، حيث احتفل آلاف الأشخاص بالزيارة، معربين عن أملهم في توثيق العلاقات (مع تركيا).
وبجانب الخرطوم، زار الرئيس أردوغان ميناء السودان، وجزيرة “سواكن” التاريخية، التي استخدمت كميناء للحجاج في جميع أنحاء إفريقيا لعدة قرون.
كما لفت قالن إلى قيام وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” بإحياء مسجدين وبناء ميناء في الجزيرة مع الاستمرار في عدد من المشروعات الجارية.
فيما كشف قالن عن أن من بين المشروعات التركية الرئيسية الأخرى في السودان، إطلاق مبادرة زراعية كبيرة.
وفي الشأن ذاته، وصف قالن استقبال الرئيس أردوغان في تشاد بأنه “كان واضحَا للغاية”، حيث التقى نحو 150 رجل أعمال تركي بنظرائهم في تشاد، لاستكشاف الفرص الاستثمارية.
ويرى متحدث الرئاسة، أن تشاد “واحدة من أشد البلدان فقرَا في العالم، وتحتاج إلى مساعدة بناءة ومستدامة على مختلف المستويات”.
وفي تونس حيث تربطها علاقات تاريخية وثقافية طويلة مع تركيا، سلط قالن الضوء في مقاله على ” تناول الأعمال الرسمية العلاقات الاقتصادية الثنائية والقضايا السياسية الإقليمية، بما فيها قضية القدس والعلاقة بين قطر ودول الخليج الأخرى”.
وأضح أنّ “تركيا وتونس أكدتا من جديد خلال الزيارة على شراكتهما بشأن هذه المشاكل الإقليمية وغيرها”.
ووقفت تركيا مع تونس منذ بداية “ثورة الياسمين” (أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي في 2011) من خلال توفير خطوط الائتمان، وتدريب أفراد الأمن، وتوفير المعدات، بحسب قالن.
وفيما يتعلق بالتزام تركيا مع الصومال، اعتبر أنّ “نموذج التنمية التركي من أجل الصومال ساهم بشكل فعال في جهود الأخيرة من أجل وقف العنف، وإحلال درجة معينة من النظام والتمثيل السياسي والازدهار”.
وتابع “استثمرت الحكومة التركية ومنظمات المجتمع المدني بشكل مكثف في الصومال، لدفع الصوماليين إلى الوقوف على أقدامهم أكثر من خلق أشكال جديدة من الخضوع والاستغلال”.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، نبّه قالن إلى أن تركيا زادت من عدد سفاراتها لدى إفريقيا على مدار العقد الماضي من 12 سفارة إلى 39، على أن يرتفع الرقم إلى 41 سفارة خلال عام 2018.
كما ذكر أن تركيا رفعت مستوى تجارتها مع إفريقيا إلى خمسة أو ستة أضعاف، علاوة على إجراء الرئيس أردوغان زيارات إلى 24 دولة إفريقية على مدى السنوات القليلة الماضية، إضافة إلى عقد قمتين تركية – إفريقية.
وشدد قالن على عدم وجود أي سبب لا يجعل السنوات المقبلة “أفضل على الاقتصاد الإفريقي مقارنًة بسابقاتها”.
وصرح بهذا الخصوص “فيما يتجه مركز الثقل في الاقتصاد العالمي نحو العالم غير الغربي، فهذا قد يؤدي إلى انبثاق فرص جديدة للامم الإفريقية لإحداث تنوعا في اقتصادها”.
وأضاف “التجارة العالمية والاستثمار يمكنهما العمل لصالح الدول الإفريقية في حال تم وضع الأولويات الوطنية في مسارها الصحيح، وتلاها الإصرار والعزم”.
وعلى صعيد آخر، شدد قالن على الدور الإيجابي الذي لعبته الدول الإفريقية خلال التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لرفض القرار الأمريكي الأحادي الخاص بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في 21 ديسمبر/ كانون أول الجاري.
وقال “لم يكن الأمر مفاجئًا، فالدول الإفريقية هي الأنسب لفهم معاناة الشعب الفلسطيني، لأنهم أنفسهم ضحايا الاستعمار، والاحتلال، والفصل العنصري، والعقاب الجماعي على مدى القرون الماضية”.
الاناضول