جولة أردوغان الإفريقية تفتح الطريق أمام الاستثمارات التركية

يجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، برفقة وفد كبير من رجال الأعمال، منذ الإثنين، جولة في عدد من دول إفريقيا الغربية، تشمل الجزائر وموريتانيا والسنغال ومالي، وتستمر 5 أيام، لغاية 2 مارس/آذار المقبل.

وتهدف تركيا من الجولة الحالية إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع تلك الدول، من خلال تحقيق نمو متزن وثابت على الصعيد التجاري.

واستهل الرئيس التركي جولته بزيارة الجزائر يومي 26 و27 فبراير/ شباط الجاري، ومن ثم ينتقل إلى موريتانيا اليوم الأربعاء، ثم السنغال ومالي مطلع مارس/آذار المقبل.

وتحمل زيارة أردوغان إلى الجزائر أهمية كبرى، إذ تعد الثانية له بصفته رئيسا للجمهورية التركية.

وفي تصريحات لمراسل الأناضول، أعرب عدد من ممثلي سوق الأعمال عن توقعاتهم في أن تسهم الجولة الإفريقية بفتح الطريق أمام رجال الأعمال الأتراك للاستثمار في تلك الدول.

وبهذا الصدد، أكّد رئيس مجلس الأعمال التركي الجزائري، التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركية (DEİK)، فؤاد توسيالي، إن الاقتصاد الجزائري من أقوى الاقتصادات على مستوى القارة، وأن زيارة أردوغان إليها تبعث التفاؤل في عالم الأعمال بكلا البلدين.

وأضاف “توسيالي” أن الجولة الإفريقية ستساهم في تعزيز العلاقات السياسية بين تركيا وتلك الدول، فضلا عن تأثرها بشكل إيجابي على العلاقات الاقتصادية الثنائية معها.

وتابع بهذا الخصوص “الزيارة ستزيد من حصة رجال الأعمال الأتراك في الاقتصاد الجزائري المتنامي”، فيما أوضح أن “اقتصاد الجزائر يأتي في مقدمة الاقتصادات النامية بفضل العائدات المرتفعة التي تجنيها من النفط والغاز”.

وأردف أن معدل الدخل القومي الجزائري مرتفع بسبب الموارد الطبيعية التي تمتلكها، وأن رجال الأعمال الأتراك باتوا يفضلون مؤخراً الإنتاج في الجزائر، خاصة في صناعة السيارات التي تشهد تطوراً هاماً.

كما أعرب توسيالي عن اعتقاده بأن “مجال إنتاج قطع الغيار التركي سيجد لنفسه أرضية مناسبة جدا في السوق الجزائري”.

ولفت إلى حاجة الدول التي يزورها أردوغان إلى المستثمرين الأجانب، وأن الأتراك هم الأكثر فائدة لتلك الدول بفضل خبرتهم الكبيرة بالمنطقة نتيجة العلاقات الثقافية القريبة مع الدول الإفريقية، وبرامج التقارب التي تم إطلاقها مؤخرا في الأعوام الـ 15 الأخيرة.

وأكد أنه “مع زيادة التقارب مع تلك الدول أصبحنا ندرك أن هذه الأسواق تشكل المكان الأفضل للمستثمرين الأتراك”.

وأشار إلى أهمية التحول الصناعي الذي تشهده تركيا بالنسبة إلى تلك الأسواق، مؤكدا استعداد رجال الأعمال الأتراك لنقل بعض التقنيات الصناعية إلى الدول الإفريقية، حيث تنتظرهم فرص استثمارية مناسبة هناك خاصة مع عدم امتلاك تلك الدول لتقنيات متطورة في المجال الصناعي.

ودعا توسيالي الشباب من رجال الأعمال الأتراك للتوجه إلى القارة الإفريقية، حيث يمكنهم تسويق الكثير من المنتجات التركية فيها بسهولة كبيرة.

 مشاريع هامة في مجال الطاقة بانتظار الأتراك في السنغال

من جانبه، أوضح رئيس مجلس الأعمال التركي السنغالي، التابع لـ (DEİK)، إحسان شاهين، أن السنغال تتمتع بعضوية كل من التجمع الاقتصادي، والاتحاد النقدي والاقتصادي لدول غرب إفريقيا.

وأكّد شاهين أن السنغال تمتلك الأرضية اللازمة التي تجعل منها مركزا للعلاقات الاقتصادية التي سيجريها رجال الأعمال الأتراك في غربي إفريقيا وشمالها.

وذكر أن السنغال تواصل وضع أسس التوسع الاقتصادي المستقر والثابت من خلال الاستثمارات العامة والخاصة في كل من مجالات الطاقة، والبنى التحتية، والزراعة، وصيد الأسماك، والسياحة، والنسيج، وتكنولوجيا المعلومات.

وأشار أن “إشراف البنك المركزي لدول غرب إفريقيا على تسيير السياسات النقدية في السنغال، واستخدام دول المنطقة لعملة موحدة، يعتبران من أهم العوامل التي ستؤدي إلى تسهيل حركة التجارة بعد تنفيذ المشاريع الاستثمارية في البلاد”.

وأوضح شاهين أن مجلس الأعمال التركي، طلب من السنغال تخصيص أرض لإقامة مركز أعمال تركي، بهدف عرض وبيع المنتجات التي يورّدها رجال الأعمال الأتراك.

وأوضح أن المركز المذكور سيضم أيضا فندقاً ومكاتب وقاعات اجتماعات.

وشدد على أن السنغال تأتي في مقدمة الدول الإفريقية التي تتمتع باستقرار سياسي واقتصادي، مبيناً أن مصادر الغاز الطبيعي الغنية في السنغال تجذب اهتمام المستثمرين من كافة أرجاء العالم.

وتطرق “شاهين” إلى إمكانية إجراء مشاريع تعاون ثنائية مهمة بين بلاده والسنغال على المديين المتوسط والبعيد، في مجال استخراج الغاز الطبيعي، وإقامة محطات الطاقة، وأنظمة تخزين وتوزيع الطاقة.

كما لفت إلى المشاريع الجديدة في السنغال بمجال الطاقة الشمسية، ما يشكل أرضية مناسبة لإنشاء مشاريع مشتركة ثنائية مع تركيا.

واعتبر رئيس مجلس الأعمال التركي، أن السنغال مرشحة لتصبح مركز “حوض الطاقة” في المنطقة بالمستقبل، حيث تعتبر مشاريع نقل الطاقة إلى الدول الأخرى من أهم فرص التعاون الثنائي الممكنة بين بلاده والسنغال.

وفضلا عن ذلك، تمتلك كل من قطاعات الصحة والنسيج والأغذية والثروة الحيوانية، فرص استثمارية مهمة لرجال الأعمال الأتراك.

كما أعرب شاهين عن استعداد شركات الإنشاءات التركية لأداء دور هام في عملية التنمية بالسنغال من خلال تنفيذ مشاريع كبرى في مجال البنى التحتية.

 مورتانيا.. مركز جذب للمستثمرين الأتراك

بدوره، أفاد رئيس مجلس الأعمال التركي الموريتاني، التابع لـ (DEİK)، زين العابدين كايماك، أن زيارة أردوغان المرتقبة إلى موريتانيا ستحظى باهتمام كبير من قبل الشعب ورجال الأعمال الأتراك أصحاب المشاريع الاستثمارية في موريتانيا.

وأردف أن زيارة الرئيس التركي ستسهم في تحفيز التجارة المتبادلة والمشاريع الاستثمارية مع موريتانيا، خاصة مع ازدياد إقبال رجال الأعمال الأتراك على الفرص الاستثمارية في البلاد خلال الأعوام الـ 10 الأخيرة.

ولفت إلى أن الاقتصاد الموريتاني يعتمد بدرجة كبيرة على صيد الأسماك، والمعادن، والزراعة، وتربية الحيوان، إلى جانب الدعم الاقتصادي من الخارج.

وقال كايماك إن موريتانيا تعد واحدة من أغنى الدول بمصادر الذهب والمعادن، وأن عدد سكانها يبلغ نحو 4.3 مليون نسمة، في حين يبلغ عدد حيوانات الماشية فيها قرابة 11 مليون، ما يعكس أهمية قطاع تربية المواشي في البلاد.

وأشار إلى مدى خصوبة الأراضي الزراعية في بعض المدن الموريتانية، وخاصة مدينة “روسو” الواقعة على ساحل نهر السنغال.

وأكد على أن جميع هذه المجالات تعتبر مركز جذب للمستمثرين الأتراك، لافتا إلى وجود فرص إضافية في موريتانيا في عدد من القطاعات الخدمية الأساسية كالبنى التحتية، ومياه الشرب، والكهرباء، والتعليم، والصحة.

زيادة التبادل التجاري مع السنغال وموريتانيا وتناقصها مع الجزائر

وحسب معطيات هيئة الإحصاء التركية، فإن حجم التجارة الخارجية التركية مع كل من السنغال وموريتانيا شهد زيادة كبيرة خلال السنوات الـ 10 الأخيرة، مقابل انخفاضها مع الجزائر.

ووصل حجم التجارة الخارجية بين تركيا والسنغال عام 2017، إلى 248.6 مليون دولار، بعدما كان هذا الرقم يبلغ 91.8 مليون دولار عام 2018.

كما ارتفع حجم التجارة بين تركيا وموريتانيا بمعدل 6 أضعاف، حيث سجل عام 2008 نحو 23 مليون دولار، وازداد ليصل إلى 131.9 مليون دولار عام 2017.

أما حجم التجارة الخارجية مع الجزائر فقد شهد انخفاضا بمعدل 22.4 بالمائة، إذ بلغ عام 2008 نحو 3.2 مليار دولار، لينخفض إلى 2.4 مليار دولار في العام الماضي.

وبلغت قيمة الصادرات التركية العام الفائت إلى كل من الجزائر 1.7 مليار دولار، والسنغال 43.6 مليون دولار، ومورتانيا 86.8 مليون دولار.

في حين استوردت تركيا من الجزائر منتجات بقيمة 766 مليون دولار، ومن موريتانيا بقيمة 45 مليون دولار، ومن السنغال بـ 5 مليون دولار فقط.

 

الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.