في الوقت الذي يُفكِّر فيه السعوديون في حفر خندق مائي على طول حدودهم مع قطر ودفن النفايات النووية قربها، وصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى الرياض في أولى زياراته الخارجية كوزير للخارجية حاملاً رسالة بسيطة: طفح الكيل، بحسب ما ذكرته صحيفة The New York Times الأميركية.
وبحسب الصحيفة الأميركية فإن بومبيو أخبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أنَّ الخلاف يجب أن ينتهي، وذلك وفقاً لمسؤول بارز بوزارة الخارجية الأميركية اطَّلع على تقارير بخصوص اللقاءات لكن ليس مُخوَّلاً الإفصاح عن اسمه، وذلك في إشارة إلى أن الخلاف في مجلس التعاون الخليجي قد بلغ حده.
بومبيو أكثر أهمية
وقضى سلف بومبيو، الوزير السابق ريكس تيلرسون، معظم الفترة التي تولى فيها المنصب في محاولة التوسُّط في الخلاف، الذي يضم أيضاً مصر والبحرين، لكن دون جدوى.
وكان السعوديون، وهم مراقبون شديدو الاهتمام بديناميات القوة في واشنطن بحسب ما تصفهم الصحيفة الأميركية، يعرفون أنَّ تيلرسون كانت لديه علاقة متوترة مع الرئيس دونالد ترمب، لذا تجاهلوه، لاسيما وأنَّ ترمب انحاز إلى السعوديين في أيام الخلاف الأولى.
لكن الصحيفة الأميركية ترى أن بومبيو أقرب إلى ترمب، ولذا يُعَد شخصية أكثر أهمية.
وفي قرابة الأشهر الـ11 منذ بدء الحصار، قامت قطر بحملة لتحسين الصورة في واشنطن، والتي أتت أُكُلها في وقتٍ سابق من هذا الشهر أبريل/نيسان حين عقد أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لقاءً مع ترمب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، عبَّر فيه الرئيس ترمب عن دعمٍ قوي للبلد الصغير.
وجاء بومبيو هنا إلى الرياض لإيصال الرسالة نفسها للجبير في لقاءٍ جرى بالمطار بعد ظهر السبت 28 أبريل/نيسان؛ ولولي العهد محمد بن سلمان في وقتٍ لاحق من تلك الليلة؛ وللملك سلمان في لقاءٍ مُقرَّر أن يُعقَد اليوم الأحد 29 أبريل/نيسان: توقفوا.
ويُنظَر في واشنطن إلى مواجهة إيران، وإرساء الاستقرار في سوريا والعراق، وهزيمة آخر ما تبقى من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وإنهاء الحرب الأهلية الكارثية في اليمن باعتبارها أولويات عاجلة على نحوٍ متزايد ولا يمكن معالجتها تماماً دون استجابة عربية موحدة وأكثر قوة.
إيران ملف آخر
وصل بومبيو إلى الرياض في اليوم نفسه الذي أطلق فيه الحوثيون ثمانية صواريخ على أهداف في منطقة جازان جنوبي المملكة، أسفرت عن مقتل شخص. كانت هذه الرشقة هي أحدث إشارة على أنَّ المسار الدموي اليمني يُمثِّل تهديداً متنامياً للمنطقة.
تقول الصحيفة الأميركية: “أصبحت الأزمة الإنسانية الواسعة في اليمن مصدر قلق كبير في الكونغرس الأميركي لدرجة أنَّ أعضاء نافذين في مجلس الشيوخ بدأوا مناقشة فرض قيود على مبيعات الأسلحة للسعودية. ومن شأن ذلك أن يُقوِّض أولويات الإدارة الأخرى، بما في ذلك جهودها لزيادة مثل هذه المبيعات، إلى جانب محاولات إقناع السعوديين بالاضطلاع بدورٍ أكثر نشاطاً في إرساء الاستقرار بسوريا والتصدي لإيران”.
وقال بومبيو للجبير السبت إنَّ اليمن لابد أن يحصل على سُبُلٍ للوصول السهل للسلع الإنسانية والتجارية، إلى جانب الوقود.
جاء بومبيو إلى الشرق الأوسط أيضاً للتباحث حول الاتفاق النووي الإيراني، الذي يعتقد معظم المراقبين أنَّ الرئيس ترمب سيُمزِّقه في 12 مايو/أيار المقبل، وهو الموعد النهائي الذي وضعه لنفسه لإصدار قرار بشأن الاتفاق الذي وصفه بأنَّه “الأسوأ على الإطلاق”.
ومن المقرر أن يصل بومبيو الأحد إلى القدس لإجراء مباحثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ثُمَّ سيتوجه إلى العاصمة الأردنية عمَّان لإجراء مباحثات مع الملك عبد الله الثاني.
وجاء كلٌ من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى واشنطن الأسبوع الماضي لحثّ ترمب على الإبقاء على الاتفاق النووي الإيراني.
وترى الصحيفة الأميركية أنَّ نجاح الولايات المتحدة في إقناع الحلفاء ببذل المزيد هناك، في الوقت الذي تخبر فيه السعودية بالتراجع في ما يخص اليمن وقطر، ليس أكيداً. وليس واضحاً أيضاً كيف ينظر الإيرانيون إلى تهديدات ترمب فيما يسحب قواته خارج سوريا.
وغداً الإثنين 30 أبريل/نيسان، سيعود بومبيو إلى واشنطن لمساعدة ترمب في الإعداد للقمة المحفوفة بالمخاطر مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الذي التقاه بومبيو في رحلة سرية إلى بيونغ يانغ في عطلة نهاية أسبوع عيد الفصح.