يواصل الكثير من الإثيوبيين من أصل تركي ممن سافر أجدادهم إلى “هرر” شرقي إثيوبيا، إبان عهد الدولة العثمانية الشعور بالحنين إلى وطنهم الأم، بالرغم من عدم زيارة معظمهم لتركيا.
ففي زمن الدولة العثمانية، سافر الكثير من الأتراك إلى “هرر”، لأغراض عسكرية أو تجارية أو دبلوماسية، واستقروا هناك بعد تفكك دولتهم الأم.
وبالرغم من اندماجهم مع الشعب الإثيوبي، يعرف أحفاد ذلك الجيل من العثمانيين أنفسهم على أنهم أتراك رغم مرور العقود الطويلة، ويشعرون بالحنين الكبير لتركيا، ويتابعون التطورات التي تشهدها عن قرب.
ويشتغل معظم أحفاد العثمانيين في إثيوبيا اليوم إما بالتجارة أو الزراعة أو كموظفين، ويمكن تمييزهم بسهولة عن باقي أبناء الشعب الإثيوبي.
وفي لقاء مع للأناضول، قالت روضة عمر (65 عاما)، وهي حفيدة الجندي العثماني “محمد بيك”، بأن جدها جاء إلى إثيوبيا كجندي بناء على رسالة استنجاد، أرسلها أهالي مدينة هرر إلى الدولة العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وما زالت روضة تحافظ إلى اليوم على صورة جدها وجدتها، إذ يظهر فيها “محمد بيك” وهو يتقلد ميدالية عسكرية عثمانية.
وأضافت أن جدها تزوج في إثيوبيا، وفكر بالعودة إلى تركيا في فترة ما، لكنه تراجع عن ذلك في اللحظة الأخيرة، وقرر البقاء والاستقرار مع زوجته وأبنائه.
وأردفت بأن جدها رزق بــ 8 أبناء، وأطلق على البعض منهم أسماء إخوته الذين تركهم في تركيا، وهم عمر، وحسن، وعلي، وعائشة.
وأشارت إلى أن والدها “عمر” يتحدث ببعض الكلمات التركية، وأنه يعمل بالتجارة والزراعة في آن واحد.
وأوضحت بأنها تشعر بسعادة كبيرة حينما يحل عليها ضيوف من تركيا، مؤكدة على أنها ترى نفسها ك “تركية”، وتشعر بالفخر والاعتزاز جراء ذلك.
وبينت روضة أنها بالرغم من عدم زيارتها الى تركيا حتى الآن بسبب سوء أوضاعها المادية، إلا أنها تتابع أخبار وطنها الأم عن قرب، وتحلم بزيارتها يوما، وخصوصا مدينة إسطنبول، إذ تحفظ الكثير من الأغاني التي تحكي عن جمالها.
من جانبه، يحيى عبد الستار ذو الــ 39 عاما، وهو حفيد صحفي عثماني في إثيوبيا، أوضح للأناضول، أنهم اضطروا لإزالة كافة وثائقهم الثبوتية القديمة الخاصة بجذورهم، خشية من نظام ديرغ الشيوعي الحاكم سابقا بين عامي (1974-1991).
وأشار إلى أن مدينة هرر كانت تتضمن المزيد من الأتراك والعرب خلال حكم ديرغ، وأن الكثير منهم غادر المدينة في تلك الحقبة.
وأضاف عبد الستار أنه زار إسطنبول من قبل وأعجب بجمالها كثيرا، وأنه يعتبر نفسه قريبا جدا إلى الأتراك، ويتابع التطورات التي تشهدها تركيا عن قرب.
جدير بالذكر، أن جيش الخديوي إسماعيل باشا في مصر، تقدم في الحبشة باسم الدولة العثمانية واستلم حكم هرر من قبل أهالي المدينة عام 1875.
واستمر حكم الخديوي للمدينة 10 أعوام، حيث سحب جيشه منها عام 1885، بعد تعيين عبد الله علي عبد الشاكر بن الأمير محمد أميرا عليها.
وحافظت مدينة هرر على استقلالها لغاية 1887، حينما تعرضت للاحتلال على يد الحبشيين، وأصبحت منطقة تابعة لإثيوبيا منذ ذلك التاريخ.
.
الاناضول