قال مؤسس جماعة حزب الله في لبنان، وأول أمين عام لها، الشيخ صبحي الطفيلي، إن الغرب يستهدف تركيا، ولا يريد لهذه الدولة الإسلامية أن تكون قوية، مشددا على أن الأتراك “يقفون وحدهم وسط حرب ونار مشتعلة”.
الطفيلي (68 عاما)، وهو رجل دين شيعي من بلدة بيرتال في البقاع الشمالي شرقي لبنان، قال، في تصريحات للأناضول، إن “تركيا من الدول المستهدفة في المنطقة؛ فالغرب لا يريد لهذه الدولة الإسلامية أن تكون قوية”.
ومستنكرا، تساءل: “أليست تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ سنوات طويلة.. فلماذا لم يتواجد الحلف لحماية الحدود التركية من تداعيات الأزمة السورية؟!”.
وحسب الطفيلي، فإن “محاولة الانقلاب العسكري الذي عايشتها تركيا (منتصف) يوليو (تموز) الماضي هو مخطط غربي هدفه هدم الشعب، وزج تركيا في حرب أهلية لا نهاية لها”.
ومضى مشددا على أن “الأتراك يقفون وحدهم وسط حرب ونار مشتعلة من حولهم. وحلفاء يحاربونهم بقسوة وضراوة، وجبهة داخلية يحاول البعض إستغلالها لتأجيج صراع جنوبي البلد”.
**أي انتصار في حلب؟!
إلى الجوار السوري امتد حديث الأمين العام الأسبق لحزب الله، رافضا ما يروج له في وسائل الإعلام على أنه “انتصار حلب”، في إشارة إلى ما حدث قبل أيام من سيطرة قوات النظام السوري، المدعوم من روسيا وإيران وتنظيمات إرهابية أجنبية، بينها حزب الله، على الأحياء الشرقية
لمدينة حلب (شمال)، والتي كانت تحت سيطرة المعارضة.
ومنددا بمقتل أكثر من ألف مدني وحصار قرابة 300 ألف في الأحياء الشرقية من حلب، قال الطفيلي إن “الانتصارات تحسب بالنتائج، فأي انتصار هذا الذي يأتي بعد حصار وتجويع وتشريد (؟!) ثم إن المعارك تتعرض باستمرار لجولات كَر وفر ورد وفصل، فالنظر إلى مجمل
ونتائج المعركة أولى من الدخول في تفاصيلها”.
والمنتصر الفعلي، وفقا له، هو “الشعب السوري.. فما جرى في سوريا هو أكبر انتصار للشعب السوري، الذي مر بمحطات قاسية ظننا خلالها أنه سحق، لنجده قد استعاد قوته، ونهض ليدافع عن حقوقه”.
الطفيلي اعتبر أن الحرب التي تتعرض لها سوريا لا تتجزأ عن ما تتعرض له المنطقة من “استهداف للأمة الاسلامية”، مضيفا أن “من يدّعي أنه موجود في سوريا للدفاع عن الإسلام هو أكثر من أضر بالشعب السوري. ولو كان المدعون هم حقا أعوان للمسلمين لما استخدموا
روسيا في مواجهة الثورة السورية” القائمة منذ منتصف مارس/آذار 2011.
** حزب الله “مسلوب الإرادة”
وردا على سؤال بشأن قول منتقدين إن إيران تستخدم حزب الله اللبناني كشُرَطي لها في المنطقة، قال الأمين العام الأسبق للحزب: “لا يمكننا الحديث عن حزب الله ككيان؛ لأنه مسلوب الإرادة بالمطلق، وتتحكم إيران في تحركاته. إذ يوجد داخل الحزب نفسه غالبية تدرك أن
الحرب (السورية) التي زجوا فيها ملوثة الأهداف والإدّعاءات، وهم على ذلك لا يستطيعون إلا السير في المخططات الإيرانية”.
ولم يبد الطفيلي حرجا في وصف السياسية الإيرانية بـ”الفارسية”، قائلا إن “خلفاء الإمام الخميني (زعيم الثورة في إيران عام 1979) استغلوا المذهبية لخدمة المشروع الفارسي، وهم في ذلك يخدعون الشيعة في كل مكان، ويدَّعون أنهم أقليات في مناطق سنية فقط لاستقطاب
المزيد من الحشد والدعم”.
وتمنى رجل الدين الشيعي أن يعود الحكام الايرانيين إلى توجيه عدائهم إلى “الأنظمة الظالمة” بدلا من “الاستبداد بالشعوب العربية”، فـ”هم بهذا يقاتلون دين الله، ويخدمون الصهاينة، ليس بما فعلوه في سوريا فقط، بل وفِي العراق أيضا”، على حد قوله.
** “دعم إيراني” للسيسي
مؤسس حزب الله اللبناني تحدث عن ما اعتبر أنه “دعم إيراني خفي ومعلن لـ”(عبد الفتاح) السيسي (الرئيس المصري)”.
والسيسي وصل إلى حكم مصر بفوزه في انتخابات رئاسية قبل أكثر من عامين، في أعقاب إطاحة قادة الجيش، حين كان السيسي وزيرا للدفاع، بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، يوم 3 يوليو/تموز 2013.
وشارحا، تابع الطفيلي: “بينما يوافق الجميع على مشروع وقف الاستيطان في فلسطين المحتلة يحجم السيسي عن ذلك.. أليسوا بذلك (يقصد الإيرانيين) قد جاؤوا بمن يخدم المشروع الصهيوني؟.. لقد تورطت إيران في دعمه، وأوجدت في الحكم أكبر حليف لإسرائيل (حسب تعبيره)..
الشعب المصري يجوع بسببكم وبسلاحكم”.
ويوم الجمعة الماضي، سحبت مصر، العضو غير الدائم في مجلس الأمن الدولي، مشروع قرار يطالب بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بدعوى الرغبة في مراجعته، قبل أن تعيد طرحه كل من ماليزيا وفنزويلا ونيوزيلندا والسنغال، ليحظى بتأييد 14 عضوا
في المجلس، بينها مصر، مع امتناع الولايات المتحدة عن التصويت.
**خدمة الأهداف الغربية
الأمين العام الأسبق لحزب الله اتهم إيران بــ”خدمة الأهداف الأمريكية والأوروبية وكذلك الروسية من أجل حماية السياسة الفاشية داخل إيران”.
وفِي تعقيبه على التدخل الروسي في سوريا، أجاب بأن “روسيا أدركت أن ما تملكه إيران لم يستطع، رغم كل الجهود، تحقيق تقدم على الساحة السورية، فارتأت موسكو أن تزج بنفسه في حرب عاقبتها لن تكون لها أبدا”.
ورغم تشديده على أن الشعب السوري في النهاية سيتغلب على كل “المؤمرات” التي تحاك ضده، إلا أن الطفيلي توقع في المقابل “استمرار الحرب لعقود طويلة تتشعب فيها الأمور، وتتفرع التضحيات”.
هذا التوقع برره بأن “أمريكا تستغل التناقضات الموجودة في المنطقة لتحويل الأمة الإسلامية إلى مجموعات متناحرة ومتنازعة. وأكبر تناقض هو الطائفي والمذهبي بين السنة والشيعة. ومن الدول من يدرك هذا، ويعمل به خدمة واسترضاء لأمريكا”.
وختم الطفيلي تصريحاته للأناضول داعيا “الشباب في كل مكان إلى بذل التضحيات الكبيرة والصغيرة للحفاظ على تماسك الأمة وعدم التفريط في الحقوق”.