تحدثت صحيفة إسرائيلية، الأحد، عن الأزمة المتصاعدة و”العلاقات المسمومة” بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية التي تربطهما “مصالح مشتركة حيوية”، مؤكدة أن التوصل لمصالحة بين الطرفين لن يدفع تركيا للتخلي عن خطتها الاقتصادية.
وأوضحت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في تقرير أعده محللها للشؤون العربية، تسفي برئيل، أن “التغريدة القاسية”، للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي أعلن فيها مضاعفة الضرائب على استيراد الحديد والألمنيوم من تركيا لنسبة تصل إلى 50 و20 بالمئة على التوالي، تسببت “بهبوط الليرة التركية ومعها الأسواق العالمية”.
وأضافت: “الليرة لم تستطع الصمود في وجه الضغط الجديد، الذي كما يبدو استهدف أن يناسب الضرائب الأمريكية مع سعر الليرة مقابل الدولار”.
ولفتت الصحيفة، إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، “سارع” عقب تغريدة ترامب إلى الاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باعتبار أنه “العنوان الوحيد الذي يمكنه المساعدة”، حيث “حظيت المكالمة الهاتفية على الفور بالنشر في كل وسائل الإعلام”.
وذكرت أن المكالمة “لم تستهدف ضخ دولارات في خزينة تركيا، بل إظهار تصميم أردوغان على تنفيذ تهديده بالبحث عن حلفاء وأصدقاء جدد، إذا واصلت الولايات المتحدة سياستها بعدم احترام تركيا”.
وفي ذات الوقت، زار وفد تركي رفيع المستوى واشنطن، في محاولة “لرأب الصدع السياسي الذي يهدد بتدمير التحالف بين الدولتين، والذي تلقى ضربة تاريخية عندما فرضت إدارة ترامب عقوبات على وزير العدل ووزير الداخلية المسؤولان – حسب ترامب- عن اعتقال القس الأمريكي اندرو برونسون”.
ورأت الصحيفة العبرية، أن “العقوبات أوضحت للوفد التركي بأن واشنطن لا تنوي التفاوض على شروط إطلاق سراح برونسون، الذي اعتقل قبل سنتين بتهمة التعاون مع المخططين للانقلاب الفاشل تموز 2016″، مشيرة إلى أن واشنطن حددت 15 آب/اغسطس الجاري، كـ”موعد ينتهي فيه الإنذار الأمريكي الذي بعده يتوقع أن تفرض إدارة ترامب المزيد من العقوبات على تركيا”.
وقدرت أن “قضية برونسون؛ هي فقط قمة جبل الجليد في شبكة العلاقات المسمومة التي تطورت في السنوات الأخيرة بين تركيا وأمريكا؛ فبطن تركيا مليئة على الإدارة الأمريكية التي لم تسارع إلى إدانة محاولة الانقلاب العسكري، ورفضت تسليم تركيا رجل الدين فتح الله غولن الذي يقيم في بنسلفانيا والذي تتهمه تركيا بالتخطيط للانقلاب”.
وأكدت أن “الشرخ تعمق” بين أردوغان وترامب، عندما تبنى الأخير المليشيات الكردية التي أنشئت في شمال سوريا، واعتبرها قوة ضرورية لمحاربة “داعش”، في حين اعتبرتها أنقرة “قوات إرهابية” تنتمي لحزب العمال الكردستاني، حيث وصلت تلك المليشيات أن تكون “المرساة العسكرية الرئيسية للسياسة الأمريكية في سوريا”.
وفي الوقت الذي ما زالت فيه هذه القضية تلقي بظلها الثقيل على علاقات الدولتين، أعلنت تركيا أنها ستقوم بشراء صواريخ أرض – جو روسية من نوع اس400، وبكون “هذا قرار استراتيجي، لكنه يشكل رسالة سياسية هامة جدا تقضي بأن تركيا، العضوة في الناتو، ستكون الدولة الأولى التي ستدخل إلى منظومة قواتها نظام سلاح روسي”.
وفي حال تحقق ما سبق، فهذا من “شأنه المس بقدرة التنسيق العسكري مع باقي دول الناتو”، وفق الصحيفة التي أكدت أن “الضغط الأمريكي على تركيا لإلغاء الصفقة مقابل بيع صواريخ باتريوت لتركيا، لم يساعد حتى الآن”.
وأشارت إلى أن “تركيا التي ترغب في إدارة لعبة مزدوجة غير معنية بالانسحاب من الناتو – وإن كان هذا أيضا سيناريو محتمل – بل تطمح أن تثبت أنها ليست في جيب أي دولة عظمى، لا أمريكا ولا روسيا ولا حتى الاتحاد الأوروبي”، مضيفة: “إلى كل ذلك تنضم الضربة السياسية الأخيرة التي نفذها أردوغان ضد سياسة ترامب”.
وقالت: “مع انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران، والإعلان عن فرض عقوبات اقتصادية جديدة، أعلن أردوغان بأن تركيا لن تنضم لهذه العقوبات”.
ورجحت الصحيفة، أن من شأن استمرار توتر العلاقات بين تركيا وأمريكا، أن يدفع ذلك تركيا للاعتماد بشكل أكبر على النفط الروسي، في الوقت الذي “تحرص أنقرة على تحسين علاقتها مع موسكو”.
فشبكة العلاقات هذه، تذكر بلعبة الشطرنج، لكن “اللاعبين الرئيسيين، أردوغان وترامب ينقصهما الصبر والأنا، والمزاج المطلوب من لاعبي الشطرنج”، وفق وصف الصحيفة التي نبهت أن “المصالح المشتركة الهامة من شأنها في نهاية الأمر أن تؤدي لمصالحة”.
وبينت “هآرتس” أن مصالحة تركيا مع أمريكا “ليست بديلا لخطة تركيا الاقتصادية، التي يمكنها إنقاذ الاقتصاد التركي من الأزمة”.
وفي الوقت الذي يمتلك أردوغان كامل الصلاحية والدعم السياسي للإعلان عن حالة طوارئ اقتصادية، أو رفع سعر الفائدة كما يريد البنك المركزي، تساءلت الصحيفة: “إلى أي درجة يمكنه الاعتماد على دعم الجمهور إزاء فقدان الثقة تجاه الليرة؟”.
المصدر: عربي ٢١